Monday, May 28, 2007

كلمات اثرت فى حقا ...!!!!!!



I'm an idea.... you are an idea

u either modify ur dreams or magnify ur power

never tell me never

u will never walk alone

don't start ever with : I love you

يابنى اشتغل.... وينحرق ابو البهايم

اياكش تولع.....!!!!!

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا

أجمل أيام فى حياتنا , لسه ما عشناهاش

انه حوار بين راشدين اعتقد انك أحدهما وأنا علي استعارة الآخر

لو لم تتزوجه هي , اذن لتزوجته أنا

من مذكرات طالب خبرة

اليوم هو زفاف خالي وقد تصادف أن تقابلت مع أهل عروسه, وللمصادفة البشعة فإن ابنتهم سوف تدخل كلية الطب بعد عدة أيام وقد بحثوا عنى لكي يسألوني رأيي الخبير في كلية الطب والدراسة فيها , طبعا لست في حاجة إلى القول أنني حاولت الاختباء منهم, لكن مع ذلك كانوا مصرين على لقائي ,اجتمعت العائلتان في انتظاري ومن ثم بعث لي أبى أن أحضر فلم أجد بدا من الحضور وكان ما كان.

حضرت فأحجم الكل عن الكلام في انتظار كلمتي الأولى,لكنني أحبطتهم فلم أفتح فمي بشيء حتى السلام ,لذلك تكلمت إحدى السيدات ,اعتقدت أنها ابنة عم خال أخت عروس خالي ,لا لا ...إنها زوجة أخي جد عم خالي...آه....اللعنة, من هؤلاء القوم ؟ إنني لا أعرف لماذا لا يتركونني وشأني ,إن جلوسي وحدي في غرفتي وأنا أغلق الباب لجريمة شنعاء في نظر أبى وأمي.المهم قالت السيدة:"ازيك ياحبيبى ..إنت بقى اللي في كلية الطب؟".آه ..ها قد بدأنا ,إنها لا تدرى من أنا لكي تتكلم معي بهذه الطريقة المستفزة ,ثم ما "حبيبي" هذه؟ ألا تدرك أنني الآن رجلا مثل زوجها تماما وربما أكثر وهذا ما عرفته فيما بعد, رددت ردا مقتضبا :"ايوة..أنا".

تكلم شخص ما وقال:"إتكلمى يابلبل",إنه زوجها بالتأكيد وهو يدللها أمامنا ,يبدو فعلا رجلا بحق ولكن هذا ليس من شأني.قالت:"ندى حبيبتي طلعت الأولى على المدرسة وإحنا مش عارفين ندخلها طب ولا صيدلة"قلت في نفسي وماد خلى أنا بهذا الموضوع؟ثم ماذا يعنى الأولى على المدرسة؟لقد كنت الأول على المدرسة وأعرف على الأقل ألفا ممن كانوا "الأول على المدرسة" ,لقد أصبحوا كثيرين لدرجة أنك تصطدم بهم في الطرقات وتجدهم تحت فراشك وربما تراهم في أحلامك,لكنى رددت عليها:"هي فين ندى؟"أشارت إليها بفخر وقالت"ندى..اتكلمى معاه ياحبيبتى"نظرت إلى ندى فوجدتها ندىً بحق ,هم لم يخطئوا التسمية إذن ,!!!!!

تركت من حولي وتوجهت إلى ندى بكل كياني ولاحظت خالتي هذا فزغدتنى زغدة شديدة,فقلت "آه"بصوت عال قالوا:"مالك؟" قلت:"آه..دراسة الطب سهلة قوى",فردت ندى :"لكنني أذاكر من شهر ومع ذلك صعبة جدا".ماهذا؟ تذاكر منذ شهر قبل الدراسة وتأتى لتسألني أنا ,هؤلاء الحمقى قد اخطئوا العنوان تماما,قالت أمها:"لازم تيجى تتغدى معانا يوم وكمان تشرح لندى إزاى تتعامل مع الكلية",وقال زوجها:"أيوة يابنى تعالى اتغدى معانا واشرحلها"يبدو أن هذا الرجل يردد كل ما تقوله امرأته حرفيا,طبعا لاحظت خالتي اللئيمة هذا فزغدتنى بإصبعها ثم قالت:"أيوة ياحبيبى اشرحلها..فاهمنى..اشرحلها",قالتها وهى تضغط على حروف كلمتها الأخيرة. اللعنة ..لماذا لا يتركنى هؤلاء الناس وحدي؟إنهم يسكنون في القاهرة ومعنى هذا أن أضيع ارتباطات يوم كامل ,

لذلك حاولت أن أبدو ذلك القروي الساذج الذي يتخيله أبناء القاهرة لمعظم أبناء الأقاليم وقلت:"الحقيقة يامدام نبيلة..",قاطعنى زوجها وقال"مين نبيلة دى؟" قلت"المدام ..أنا اعتقدت أن اسمها نبيلة لأن الدلع بلبل زى ماأنت قلت"انفجر الجميع في الضحك ,وقالت المدام :"بلبل اسم الدلع ,أنا اسمي ماجدة" طبعا لم استطع إيجاد وجه الشبه بين بلبل وماجدة لكنني تعرضت للإحراج بما يكفى فقلت وأنا أغير الموضوع:"أنا ماعرفش في الزقازيق إلا جامعتي وبس يبقى إزاى هروح القاهرة,لا لا ..أنا أكيد هتوه وأروح اقسام البوليس,لا ياعم لو عاوزينى أشرحلها تعالوا أنتم".قالت المدام:"إنت بس انزل من القطر وإحنا هنيجى ناخدك ولو عاوز نيجى ناخدك من هنا مفيش مشكلة"إذن فهي مصرة,ثم رد زوجها:"أيوة اتصل وأنا هاجى أخدك من هنا", هذا الوغد يوافق فعليا على كل ما تقوله المدام ,على العموم أنا لا أهتم بهما على الإطلاق ولكن عندما يتحدث عنى لابد أن يأخذ موافقتي أولا.

لم أجد بدا من الموافقة أمام هذا الإلحاح,لذلك حددت الميعاد- مع ندى طبعا-وكان هدفي فقط تحسين العلاقات بين القاهرة والأقاليم-هذا هدف نبيل– ألا ترون ذلك معي؟

من أين يأتون؟

على صوت أمي استيقظت في الصباح الباكر, بعد عدة محاولات منها لذلك, والهدف هو الذهاب للكلية, لماذا؟أنا لا أدرى ,المهم أن هناك مكانا اذهب إليه في الصباح وأعود منه منهكا في المساء,ذهبت إلى الكلية ووجدت أصدقائي فبدأنا في المزاح والضحك حتى تجاوزت موعدي بثلاثين دقيقة ,لقد تأخرت عن السكشن وأدرك الآن كم التوبيخ والسخرية التي سأنالها من مدرستنا الطبيبة الشابة التي لم تبلغ الثلاثين بعد.

دخلت إلى السكشن مستترا وراء عدد من زملائي وأنا أتحرك في هدوء ,ثم..."طارق!"انطلق صوتها كالصاعقة وهى تسألني كيف دخلت إلى هنا؟ وطبعا لست في حاجة لتكرار هذه المحاضرة الأخلاقية التي أتعرض لها صباح كل يوم,منها أو من أي طبيب بالأقسام الأخرى ,فقد كنت كسولا دائم التأخر عن دروس الفترة الصباحية إلا ما رحم ربى ,على العموم انتهت هذه المحاضرة الأخلاقية على وعد منى- كالعادة – بعدم التأخر والانتظام في الدراسة وإلا كان ذلك سببا في طردي من المحاضرات وحرماني من الامتحانات وإخبار والدي وجذب أذني وعديد من التهديدات الأخرى التي تنبأ بالويل والثبور وعظائم الأمور,فقد كانت طبيبتنا الشابة تعتقد أنها محور العلم في زمانها وشعلة النور في ظلمات المشرحة,مع أننا لم نكن نفهم شيئا إلا في الحادية عشرة عندما تبشرنا بانتهاء الدرس وتدعونا للاهتمام بالمذاكرة والاهتمام بالواجبات المدرسية - عفوا- الاهتمام بالعظام في البيت ومذاكرتها جيدا.

قالت:"اليوم نبدأ فرع جديد من التشريح وهو تشريح الرأس والرقبة". يا الله, هذا ما انتظره منذ زمن, أنا اشعر أنني في طريقي لأصبح طبيبا, لكنني وجدت نفسي أفكر في الجثة التي أمامي, من هذا الرجل؟ ولماذا هو بالذات هنا؟لطالما نظرت إلى هذه الجثة كل صباح,لكنى أحس بالرعب الآن وأنا أرى بياض العينين الذي يطل على استحياء من خلف تلك الجفون المسبلة , الآن أريد أن افتح الباب وأولى هاربا و.."فيم تفكر ياطارق؟" كان هذا صوت الطبيبة ثم تابعت"إن لم تنتبه للدرس مرة أخرى فسأطردك كي تستطيع التفكير في هدوء".هنا قام أحدهم وقال:"من فضلك أريد أن اعرف من أين تأتى هذه الجثث ولماذا تنتخب هي بالذات كي يدرس عليها طلاب الطب؟". طبعا اسقط في يديها وحارت جوابا, وقالت في شراسة:"إنهم يأتون بها وحسب, يمكنك أن تسأل العميد فيما بعد ولكن لو أردت رأيي فانتبه للدرس الآن, هل تفهمني؟"رد زميلي في خفوت:"افهم".

وعلى هذا أكملت الدرس وسبح عقلي في التفكير,إننا لما التحقنا في العام الماضي بالكلية كنا ننظر لهذه الأجساد بأقصى درجات العظة والتوبة والاعتبار ولكن بعد مرور شهر واحد لا أكثر كنا قد تعودنا عليها ,فأصبحت لا تعامل على أساس من الحرمة المقدسة بل إنها تهان من العديد من الطلاب وأصبح معظمنا يعاملها على أنها دمى مطاطية ,والأغرب من هذا أن عدد ليس بالقليل يلهو بها ويمزح مع أصدقائه الأوغاد الآخرين الذين يردون له المزاح بمثله.

لقد أمرنا أن نتعامل مع أجساد الأموات كما لو كانوا أحياء تماما-إلا في ظروف معينة مثل التعليم – وكسر عظم الميت ككسره حيا.
رجعت إلى البيت وحاولت تطبيق ما أخذته اليوم على العظام الموجودة معي في البيت ,لكنني واصلت التفكير حتى انتصف الليل فلم أجد بدا من الذهاب للنوم , ألقيت نظرة أخيرة على العظام فوق مكتبي ,أطفأت الأنوار , ورحت في سبات عميق.

.

وأشرقت شمس حياتي.....1

تحركت الشمس في الأفق ،حتى ألقت بظلال الأشجار التي تزين مدخل الحارة إلى منتصف الطريق،استعدادا ليوم جديد،تمر فيه خلال دورتها المعتادة من الشرق إلى الغرب،وكأنها تعلن لسكان الحارة أن حالها كحالهم لن يتغير مهما مر الوقت عليهم.
لم يعرف كم مر من الوقت عليه في جلسته هذه،لكنه يعرف أنه كان يناجى القمر في المساء وها هي الشمس تلقى على وجهه بأشعتها الذهبية،التي تسللت من خلال النافذة ذات الإطارات الحديدية القديمة المميزة لمعظم بيوت الحارة القديمة,فلا تدرى إن كانت كلمة القديمة هذه لتصف الحارة بنفسها ،أم هي تصف حال البيوت التي لم تتغير منذ نشأتها ،أم هي تصف حال الاثنتين معا.أحس أن التفكير أرهقه ،وانه قد استهلك معظم طاقته،لا يدرى من أين سمع أن المجهود العقلي يساوى ضعف المجهود البدني المستهلك في نفس الوقت، ويا ليت انه كان ينفق من تفكيره فقط،لكنه كان يستهلك طاقته النفسية أيضا، والتي يعرف أهميتها باعتباره قد صار طبيبا ،لا يهم إن كان حديث التخرج أم قديمه،لأن هذه الأشياء تدرك لمرة واحدة فقط.حسنٌ، برنامج اليوم ....... إنه لا يدرى ماذا يفعل ، المفروض أن يذهب إلى المستشفى .....حسنٌ لن يذهب وليرى ماذا سيفعلون .....من قال أن أطباء الامتياز تحت المراقبة،.....انه يرى معظم أصدقاءه يرهقون أنفسهم في العمل الخاص ، ولا يأتون إلا لإعلان انصرافهم عن طريق التوقيع في دفتر الانصراف،.......سيقول لإمه إذاً انه لن يذهب اليوم إلى العمل ، لا ..لا .. بالطبع لن يقول انه ظل ساهرا طوال الليل ..... إن لدى أمه من المتاعب ما يكفيها لبداية اليوم ، وهى ليست على استعداد لإضافة همومه إلى همومها.هو يعرف أنها على استعداد أن تفعل ذلك عن طيب خاطر، ونفس راضية لكنه كان يريد أن يساعدها في عملها ،لطالما فعل ...وهو يخفى آلامه المستمرة.....واحباطاته المتوالية.... كان يدرك أن أمه تكدح من اجل توفير ما يحتاجه مع أخيه الأصغر....خاصة بعد وفاة والده منذ مده طويلة تسبق دخوله إلى درة الكليات....كلية الطب...لقد تحمل وحده منذ زمن طويل ما اختاره لنفسه من متاعب وصعوبات....... نفسيه.......عاطفية....جسمانية..... أدرك منذ البداية أن لكل واحد منهما طريق....هو وأمه بالطبع....هي توفر له احتياجاته .... أو تحاول .... في مقابل عدم إرهاقها بما يحدث له ....إن الأم تملك بالتأكيد ما يكفى من المتاعب حين تعمل كخياطه في مشغل للحياكة.وقف ليخبر أمه انه لن يذهب هذا اليوم إلى المستشفى ..... توقف فجأة ... ماذا تعنى كلمة صعوبات ؟....وهل واجهته صعوبات بالفعل .... ابتسم عند وصوله إلى هذه النقطة........ ابتسامه خفيفة ذابت في ملامحه بسرعة وكأنه يعلن اعتذاره عن هذه الابتسامة ........صعوبات........صعوبات؟........من يحكى ومن يقول ؟.....لم يشاركه أحد مشاعره هذه قط ....حتى جمال صديقه الوحيد الذي زامله منذ أيام الكلية الأولى ..... هو أيضا لا يعرف ما مر عليه من صعوبات .... وما تحمله قلبه من انكسارات ....... كأنه لايشعر به.....هو من طبقه ... والآخر من طبقه أخرى.. هذا مستهتر ..... الآخر رجل بكل ما تحمل الكلمة من معان.......صعوبات ؟....... لا يدرى لماذا بدت له الكلمة سخيفة إلى هذا الحد ..... ولكن ماذا يحدث؟........ انه حتى لايقدر أن يبوح بمشاعره لنفسه ...يا للعجب؟......... ربما لو كانت هي معه الآن ... لباح لها بكل ما في صدره من آلام......... ولكن أذهبت ولن تعود؟...... لا يدرى ........ لقد صار كانسان بلا ظل ..عقل بلا منطق.. الشئ الوحيد الذي بقى في كيانه كإنسان هو آلامه.وقف ليخبر أمه أنه لن يذهب هذا اليوم للمستشفى .......رمى جسده مره أخرى إلى السرير الدافئ .....يفكر في حياته.......يرى بعيني عقله كفاحه في سبيل سهل الله به طريقا إلى الجنة...... سبيل العلم .....تذكر نفسه وهو يسير من بيته إلى الكلية ليستطيع توفير بضعة جنيهات تساعده على إكمال الشهر .......أربعة كيلو مترات يقطعها صباحا .........ويمشيها مساءاً...ولم تكن النقود تكفى أيضا ....آه.... حسنٌ من قال أن هذه صعوبات؟........جلوسه بين زملائه وقد ارتدى هذا أحسن ما اشتراه أمس من أحسن محلات الحي الراقي....وهذا وقد ارتدى ثوبا بما يمكن أن يدفعه لنفسه في عام كامل ....حسنٌ من قال أن هذه صعوبات؟......حاجته للكتب الخاصة والأدوات العلمية وأشياء أخرى كانت لتساعده ..........حسنٌ من يجرؤ على اعتبارهذه صعوبات؟ .وقف ليخبر أمه انه لن يذهب هذا اليوم إلى المستشفى ....في هذه المرة انطلق صوت أمه يشق سماء حجرته:-"مدحت؟".ثم أكملت في فرحة :-"جمال صديقك هنا....موعد العمل يا بني ".رد هو في خفوت لم يبلغ مسامع أمه:- "ادخليه يا أمى ".على الباب وقفت الأم وهى تكلم (جمال).... الصديق الوحيد لابنها الذي زهد معرفة الناس....كانت تجاهد لإبقاء دموعها داخل مقلتيها لكنها عجزت عن ذلك .... فتركتها تنزل في صمت....قالت :-"ادخل يابنى..... لنر ماذا دهاه؟....هو يعتقد أننى لا أشعر به..... ليته يخبرني ولسوف يريحني ويريح نفسه".ولم تعد تقاوم فانطلقت دموعها في صمت وعادت لتكمل ما بدأت من عمل المنزل.دخل جمال إلى الحجرة .....لم تكن أول مرة ..... مسحها بعينه مثل كل مرة.... لم يجد فيها ما تغير....السرير الصغير..... المنضدة التي يذاكر عليها صديقه ....خزانة صغيرة للملابس لا تجد أصلا ما يملأها .....هذا كل شئ ....آه...معذرة هناك سجادة صغيرة بالية تتوسط الحجرة .....هذا إذا تم اعتبارها سجادة أصلا.توقفت عينه عند مدحت فأشار إليه أن أغلق الباب،فأغلقه(جمال)...و كأنه أعطى إشارة البدء...البدء لماذا؟....بالطبع للبكاء... انطلق (مدحت) في بكاء رهيب, وكان هذا يعنى بالنسبة لجمال معناً واحدا.... أن مدحت قد فعل الشيء الذي توقعه له منذ بدايه علاقتهما...الانهيار

لقد مات


تحرك المسعفون بسرعة كبيرة وهم يدفعون ذلك الفراش المتحرك إلى داخل المصعد الكهربائى فى ذلك المستشفى الجامعى المخصص للطوارىء ,وتبعهم الى الداخل نائب الباطنة الذى لم يتجاوز عامه الثانى فى النيابة بعد, كان الفراش يحمل احد المصابين فى حالة خطيرة وكان يصطحب الفراش شاب فى عامه الثانى والعشرين, يبدو عليه الذهول وعدم التصديق, طبعا اذا افترضنا ان الخوف شيء مسلم به فى هذه الظروف.

نظر كبير المسعفين الى الشاب وقال:"ممنوع الدخول يااستاذ", فرد الشاب:"انا طبيب" ,سكت الرجل وقد بدا عليه الفهم ومع ذلك نظر الى طبيب الباطنة الذى اشار اليه بتجاوز الامر , اغلق باب المصعد ثم فتحت الابواب مرة اخرى عندما استقر فى الطابق الثالث حيث حجرات العناية المركزة الجديدة, ثم قال الطبيب :"هيا , تحركوا",فانطلق الجميع باقصى سرعة الىالداخل , ثم نقلوا المصاب الى احد الاسرة الخالية ,وعلى الفور تحرك المسعفون بالفراش المتحرك الخالى الى خارج الحجرة ايذانا بانتهاء عملهم, وبدات الممرضات فى تركيب الاجهزة الكهربية التى تحافظ على النبض والتنفس وبدأ الجميع فى القيام بما يجب عليهم.

وقف الشاب يراقب ما يحدث فى ذهول,حتى دخلت طبيبة شابة يبدو عليها انها تقضى سنة الامتياز فى هذا المستشفى, قالت بلهجة مرحة"كيف هى الحالة يادكتور شريف؟",رد الطبيب الباطنى فى سرعة وهو يعالج بعض الاجهزة:"حالة تصادم فى الطريق السريع انتهت بهم السيارة الى احد المصارف المجاورة للطريق "ثم اكمل فى اسف:"الشكلة هى انه فقد الوعى فابتلع كمية كبيرة من المياه التى تراكمت فى الرئتين وضغطت بدورها على القلب, فتوقف لفترة" ثم استطرد فى حزن:"سنكون محظوظين لو كتبت له النجاة".

سمع الشاب هذا الكلام فتهاوى على اقرب مقعد اليه , غير مصدق لكل ما يحدث حوله, وهو يفكر بخاله الراقد امامه على الفراش فى وضع الصدمة تقريبا , وكل من حوله يحقنوه بشتى انواع الادوية, كان يعرف كل هذه الادوية بل وربما اعطاها الاخرين قبل ذلك ,لكنه وجد نفسه لا يستطيع التفكير ولا الحركة.

سادت حلاة من الهدوء فى الغرفة بعدما استقرت الامور قليلا ,ثم ما لبث جهاز القلب ان دق فى رنين متصل , معلنا حالة توقف القلب وعلى الفور دبت عاصفة من الحركة فى الغرفةالكبيرة مع انطلاق صوت الطبيب :"ادرينالين..بسرعة" ,تم الحقن بسرعة كبيرة,ثم تم استدعاء جهاز الصدمات الكهربية ,ومع ذلك أبى القلب الذى تحمل طول الحياة , رفض العودة , رفض ان يقوم بدوره ولو لدقائق قليلة أخرى.

أطرق الطبيب فى حزن ,ونظر الى الشاب الذى لم يستوعب الموقف وقال :" البقية فى حياتك", لم يصدق الشاب وقام يتحسس النبض فى عنق خاله الراقد امامه , وجلس بجانبه ذاهلا لا يدرى كيف يوصل الخبر الى اقاربه أسفل المستشفى.

قال له الطبيب:"إن ما اضر بهذه الحالة هو عدم التعامل الصحيح معها فى أول مستشفى تم تحويله اليه", ثم استطرد:" مع ذلك فالحذر لا يمنع القدر, وانما هى اسباب وحسب".
وقف الشاب مصدوما ,ثم قال بعد فترة من الصمت:"ان عدم وجود الضمير والاهتمام مع المرضى هو ما تسبب فى ذلك", رد عليه الطبيب :"لا تجعل عدم الاهتمام يزعجك , فسوف تتندر انت واصدقائك ذات يوم على عدد الحالات التى تموت فى أيديكم بل وتتفاخرون بالعدد الاكبر ايضا ".

نظر اليه الشاب وهو حيران, لا يدرى ايحزن على خاله الذى مات ؟ ام يحزن على اخلاقنا وضمائرنا التى ماتت ؟ , لكنه أدرك فى النهاية أن هذه رسالة اليه من الله, لكى يبقى ضميره حيا حتى لو مات جسده, وحتى لو مات كل الناس.

وأشرقت شمس حياتى ... 2


آه.....يوم آخر من أيام العمل بالمستشفى...إنها تشبه أيام العمل بالسجن .... حيث لا رحمة على أطباء الامتياز ...المرضى يتوافدون كالسيل......وصوت المذيعة الداخلية تطلب من أحد أطباء الطوارئ الاتجاه لاستقبال إحدى حالات الحوادث....يجرى الفريق المكون من طبيبين وثلاث ممرضات باتجاه الباب.... يتردد صوت المسعفين في لهاث متقطع :

-"حادثه على الطريق السريع... المصابون رجل في السادسة والأربعين وامرأة في الخامسة والثلاثين ....." .
ثم وقف ليلتقط أنفاسه فالتقط زميله طرف الخيط منه:
- " الرجل مصاب بكسر في ثلاثة ضلوع, أما المرأة فمصابة بكسر في قدمها اليمنى فقط وهى في حاله جيده باستثناء إصابتها".

انصرف المسعفون بعد الإدلاء بالتقرير بينما أصبحت الحالتان الآن في ضيافة الطاقم الشاب الذي سرعان ما بدأ العمل ، رفع (أمجد) عينيه إلى زميله (نادر) وقال:
- "ابدأ بتحويل السيدة إلى غرفة العظام وبعدها تعال لتساعدني من فضلك ".
أشار إليه( نادر) بالموافقة ، ومن ثم انطلق( امجد) لعمل الإسعافات اللازمة لإفاقة المريض أو على الأقل حتى ينجح في تقليل الخطورة عند هذا الحد ... فقد كانت معدلاته الحيوية في طريقها إلى الانهيار ، ولكن للعناية الإلهية فقد أرسله القدر إلى( امجد) و(نادر) معا .
كان الاثنان رغم كونهما في سنه الامتياز, إلا أنهما كونا فريقا رائعا في وحده الطوارئ ، كانت مهارتهما المذهلة في التعامل مع الحالات الطارئة تنبئ بمستقبل باهر لهما لو استمرا في هذا المجال ....أطباء الطوارئ ....ياله من مصطلح ضامر في مصر....لسرعان ما يتحول كل منهما إلى تخصصه الذي سوف يبدع فيه بعد ذلك , فلا يوجد في مصر بالطبع ما يسمى بطب الطوارئ ....انه دوما متروك لأطباء الامتياز وصغار نواب الجراحة والباطنة....أما أن يظل طبيب ما في هذا الفرع طوال حياته في مصرنا العزيزة،.....فهذا ضرب من الجنون ربما حاسبته عليه النقابة وازدراه الزملاء من اجل ذلك.
أفاق (امجد) من تأملاته على صوت (نادر) وهو يسأله:
-" هل أستدعى أحدا ما ؟".
ابتسم (امجد) ابتسامه ساخرة وقال:
- " ولماذا؟".
عندها بدأ (نادر) في اقتسام العمل معه حتى انتهوا من إنقاذ المريض،وتم تحويله إلى قسم الاشعه لإجراء فحوصات أخرى عليه .

تنهد (نادر) في ارتياح ثم انطلق يضحك وهو يقول :
-"من يصدق قدرتنا على التعامل مع هذه الحالات؟ إننا قد صرنا أشهر الطلبة في دفعتنا"
لم يرد (امجد) واكتفى بإشاره خفيفة من رأسه مع تنهيدة تدل على الملل، مع ذلك واصل (نادر):
-"لماذا لا نذهب معا لمشاهده الفيلم الجديد في السينما؟تخيل انه تصدر الترتيب فى الخمسة اسابيع الماضية ".
قال (امجد) في جفاء :
-"لا أريد".
-"لماذا؟".
_- "سل الأوغاد الذين يعطوننا مائتي جنيه فقط في آخر شهر ملئ بالحروب التي نخوضها في هذا المستشفى".
هنا رفع (نادر) عينيه في دهشه وهو يحاول تغيير الموضوع:
-" أتعرف...لقد أهدانى أبى أمس سيارة جديدة فاضطررت أن أعطى سيارتي القديمة لأخى الصغير".
ثم سكت لحظه وأكمل:
-"تخيل لقد كنت أحبها كثيرا".
لم يرد (امجد) وإن لم يومئ برأسه أيضا...فواصل نادر كلامه في إلحاح غريب:
- "هيا يا امجد ...... لماذا لا تذهب معي إلى السينما غدا؟".
ثم قطع كلامه وهو يشير إلى إحدى الممرضات في آخر الردهة:
-"انظرالى هذه الممرضة اللعوب ... إنها أجمل من بالمستشفى من الممرضات ...لابد أن تقع في يدي في يوم من الأيام"

هنا كان (امجد) قد بلغ ذروته فامسك بتلابيبه وقال:
-" اسمع أيها الوغد.... كوننا نشكل فريقا واحدا لا يعنى بالضرورة أن نكون أصدقاء.....لذلك كف عن محاولتك لاكتساب صداقتي فلن يظفر بها طفل مدلل مثلك, أنت تفهم ؟..... أليس كذلك؟... جيد لأننى لن اكرر هذا الكلام مره أخرى".
ثم تركه في هذه الحالة من الذهول وانطلق لاستقبال حاله أخرى من حالات الحوادث ، فى حين كان صوت المذيعة الداخلية يتردد في جنيات المستشفى ،لكنه كان يصل لنادر وكأنه من أعماق بئر سحيقة ،وكأنه من بعيد .... بعيد .....بعيد